كل ما تود معرفته عن نزيف الشبكية وعلاجها

إنه لمشهد مخيف أن تستقيظ في أحد الأيام فترى بقع داكنة اللون في بياض العين، ويعتريك الاضطراب متسائلًا ما السبب! ربما يرجع الأمر للإصابة بـ نزيف في شبكية العين، ويظل السؤال المُلح: ما مدى خطورة المرض وهل يمكن علاجه؟

سيكون حديثنا اليوم عن نزيف الشبكية ذاكرين كل الجوانب الخاصة به من أسباب وأعراض وتشخيص وسبل العلاج الممكنة، فتابع القراءة.

ما هو نزيف الشبكية؟

الشبكية هي الجزء الخلفي من العين الذي يحتوي على الخلايا الضوئية لتستقبل المعلومات الخاصة بالرؤية، ومن ثم ترسلها عبر الخلايا العصبية إلى الدماغ لتكوين الصورة الواضحة، وتحتوي الشبكية -كأي عضو في جسم الإنسان- على أوعية دموية لتغذيتها وإمدادها بالدماء والأكسجين، وحينما تتلف هذه الأوعية يُطلق عليه نزيف بشبكية العين.

أنواع نزيف الشبكية

يُصاب معظم الناس بنزيف الشبكية في عين واحدة فقط، ومع ذلك من الممكن أن تصاب كلتا العينين في نفس الوقت ولكن ذلك أقل انتشارًا، وتنقسم أنواع النزيف في الشبكية تبعًا لمكان حدوثه إلى:

• نزيف داخل الشبكية: هو تمزقات في أنسجة شبكية العين نفسها، ويُطلق عليه أحيانًا نزيف النقاط والبقع أو نزيف طبقة الألياف العصبية الشبكية وهي مجموعة الخلايا العصبية التي تربط شبكية العين بالعصب البصري، وقد يُرى النزيف على شكل لهب أو قرص أو بقع.
• نزيف ما قبل الشبكية: تمزقات في الغشاء الذي يفصل تجويف الجسم الزجاجي عن شبكية العين، يُشار إليه أحيانًا بأنه نزيف على شكل قارب أو على شكل حرف D.
• نزيف الجسم الزجاجي: يحدث هذا النزيف في الجزء الزجاجي من العين، أو المادة الهلامية بين العدسة وشبكية العين.
• نزيف تحت الشبكية: يحدث بين طبقة المستقبلات الضوئية والظهارة الصبغية الشبكية.

أسباب نزيف الشبكية

نادرًا ما يحدث نزيف الشبكية من تلقاء نفسه، إذ إنه عادةً ما يكون عرضًا لمشكلة أكبر، ومن الممكن أن تتمثل أسباب نزيف الشبكية فيما يلي:

• الصدمات وإصابات العين: أي إصابة تُلحق الضرر بالرأس أو العينين يُمكن أن تُلحق الضرر بالأوعية الدموية في شبكية العين.
• متلازمة هز الرضيع: هز الرضيع أو الطفل الصغير بعنف يُمكن أن يُسبب نزيفًا في الدماغ وشبكية العين أيضًا.
• اعتلال الشبكية الناتج عن الارتفاعات العالية، إذ إن الانتقال إلى ارتفاع عالٍ بسرعة كبيرة يُمكن أن يُغير ضغط العين بسرعة كافية لتتسبب في نزيف الشبكية.
• نزيف شبكية العين لمرضى السكري أو ما يُعرف بإسم اعتلال الشبكية السكري.
• بعض أمراض الأوعية الدموية مثل فقر الدم، وارتفاع ضغط الدم، وتسمم الحمل، وانسداد الوريد الشبكي.
• اضطرابات المناعة الذاتية مثل: الذئبة، والتهابات الأوعية الدموية.
• التسمم بأول أكسيد الكربون.
• التنكس البقعي المرتبط بالعمر.
• سرطان الدم.

ما الأعراض المصاحبة لنزيف الشبكية؟

غالبًا ما تكون أعراض نزيف الشبكية قليلة جدًا وغير مؤلمة، إذ إن الأعراض الأكثر شدة غالبًا ما تكون مصحوبة بنزيف أكثر حدة، حينئذ قد تشمل الأعراض ما يلي:

• فقدان مفاجئ للرؤية.
• الشعور بتدهور أو ضبابية في الرؤية بصورة ملحوظة.
• ظهور بقع داكنة في مجال الرؤية، من الممكن أن تكون في جانب واحد أو على الجانبين، وقد تظهر في شكل لهب.
• رؤية ومضات أو أجسام عائمة.
• الشعور بتموج في الرؤية بسبب نزيف في الشبكية المركزية.
• رؤية خطوط داكنة.
• وجود احمرار في العين نتيجة الالتهابات.

مضاعفات نزيف الشبكية

قد يؤدي نزيف الشبكية أحيانًا إلى ضعف دائم في الرؤية، والإصابات الشديدة غير المُعالجة سريعًا قد تُحدث مشكلات أخرى، قد تتمثل في:

• تلف المستقبلات الضوئية ومن ثم فقدان دائم للرؤية.
• الإصابة بالجلوكوما (المياه الزرقاء) في العين.
• تكوين أوعية دموية جديدة في الشبكية.
• تكاثر الأوعية الدموية الليفية في الجسم الزجاجي والشبكية.

كيفية تشخيص نزيف الشبكية

يفحص الطبيب العين ويطلع على التاريخ الطبي للمصاب بطرح أسئلة حول رؤيته السابقة والحالية، والأدوية التي يتناولها، والإصابات التي تعرض لها في رأسه أو عينه. في كثير من الأحيان قد يتطلب الأمر الخضوع لفحوصات أخرى مثل:

• فحص ضغط الدم ومستوى السكر.
• فحص مستوى الكوليسترول في الدم.
• تصوير الأوعية الدموية.
• تصوير قاع العين.
• التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).
• التصوير المقطعي البصري التوافقي

نزيف الشبكية في العين | سبل العلاج المتاحة

تشفى بعض حالات نزيف الشبكية من تلقاء نفسها خلال أسبوعين إلى شهر، خاصةً إذا كانت ناجمة عن صدمة لم تتكرر، إذ يعتمد علاج نزيف الشبكية على عدة عوامل وهي سبب وشدة النزيف في شبكية العين ومدى تأثر رؤية المريض بالمرض، لذ توجد حالات ينبغي فيها التدخل الطبي فورًا، والطبيب هو من يحدد ذلك وفقًا للتشخيص، ويشمل علاج نزيف الشبكية ما يلي:

• إن كان النزيف الشبكي بسيطًا ولا يتفاقم ولا يؤثر في قدرة المريض على الرؤية، فقد تحتاج الحالة فقط بضعة فحوصات لمتابعة صحة العين والتأكد من شفاء النزيف تلقائيًا.
• إن كان نزيف الشبكية ناتجًا عن حالة مرضية أخرى مثل: مرض السكري أو زيادة الكوليسترول في الدم أو ضغط الدم المرتفع، سيتطلب العلاج حينها السيطرة على المرض المُسبب للنزيف.
• قد يحتاج الأمر في الحالات الشديدة التدخل الجراحي بالخضوع إلى عملية نزيف شبكية العين.
• قد يلجأ الطبيب للعلاج بالليزر أو التبريد لوقف نزيف الشبكية، أو حقن العين بمواد تبطئ نمو بطانة الأوعية الدموية، أو حقن كورتيكوستيرويد لتقليل الالتهاب داخل العين.

في أثناء فترة العلاج قد يحتاج المريض إلى تجنب تناول بعض الأدوية مثل أدوية السيولة، والحصول على الراحة التامة مع رفع الرأس لفترة زمنية.

سبل الوقاية من نزيف الشبكية

يوجد بعض النصائح والتعليمات للوقاية من نزيف الشبكية وأمراضها بصورة عامة مثل انفصال شبكية العين، وذلك من خلال:

• اتباع نظام غذائي صحي منخفض الدهون المشبعة والسكريات والأملاح، وغني بالخضروات والفيتامينات لا سيما التي تحتوي على مضادات الأكسدة.
• الإقلاع عن التدخين، إذ يؤثر سلبًا في طبقات العين مثل الشبكية.
• تقليل التوتر والضغط قدر الإمكان، بممارسة الرياضة البسيطة المنتظمة مثل المشي.
• السيطرة على المشكلات الصحية التي تُسبب المرض وتناول الأدوية الموصوفة بانتظام.
• تناول الأطعمة التي تحتوي على أوميجا 3 الموجودة في الأسماك مثل السالمون.
• ارتداء النظارات الشمسية للحماية من الأشعة فوق البنفسجية الضارة.
• ارتداء الخوذة والنظارات الواقية عند ممارسة الأنشطة التي من الممكن التعرض فيها لإصابات الرأس، مثل قيادة الدراجات الهوائية أو الرياضات العنيفة.
• الحرص على النوم بانتظام وعدم إجهاد العين كثيرًا بالقراءة أو مشاهدة الشاشات مثل التلفاز والأجهزة المحمولة.
• زيارة طبيب العيون بانتظام خاصة عند ارتداء النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة، إذ يساعد الفحص المنتظم للعيون على تحديد المشكلة والتدخل الفوري عند الضرورة.

أسئلة شائعة

هناك بعض الأسئلة التي تدور في ذهن كثير من مصابي نزيف الشبكية سوف نجيب عليها في السطور القادمة، مثل:

من هم الأكثر عرضة لنزيف الشبكية؟

يمكن لأي شخص أن يُصاب بنزيف الشبكية سواء الكبار أو حتى الرُضع، ومع ذلك هناك أشخاص أكثر عرضة للإصابة مثل:

• المصابون بارتفاع كوليسترول الدم.
• مرضى السكري.
• مرضى الضغط المرتفع.
• المصابون بتصلب الشرايين.
• الأشخاص الذين يتناولون أدوية السيولة مثل الأسبرين.
• من تجاوزوا سن الأربعين.
• مرضى المناعة الذاتية.
• الرُضع الذين يُستخدم لهم الشفط والولادة بالملقط في أثناء ولادتهم.

هل نزيف شبكية العين خطير؟

في كثير من الأحيان قد لا يُدرك مصاب نزيف الشبكية معاناته المرض، لذا في الحالات البسيطة قد يُشفى المريض من تلقاء نفسه، أما في الحالات الشديدة خاصةً مصابي مرضى السكري، يصبح الأمر خطيرًا ولا يحتمل تأجيل العلاج، حتى لا تحدث المضاعفات التي ذُكرت سلفًا.

متى يسبب نزيف الشبكية العمى؟

في الحالات الشديدة التي لا تُعالج على الفور من الممكن أن يؤدي نزيف الشبكية إلى فقدان الرؤية والإصابة بالعمى، لذا لا بد من زيارة الطبيب على الفور لمعرفة مدى تفاقم الحالة والبدء في العلاج المناسب.

هل يعود النظر بعد نزيف العين؟

يتعافى الكثير من الأشخاص تمامًا من نزيف شبكية العين وتعود الرؤية مثلما في السابق، أما في أحيانًا أخرى من الممكن أن يُسبب الأمر تلفًا دائمًا، يؤثر في قدرة الشخص على الرؤية مدى الحياة، أوقد يُصاب المريض أيضًا بضعف البصر بعد نزيف شبكية العين.

هل يمكن التعايش مع نزيف الشبكية؟

من خلال مقالنا نجد أنه من الممكن التعايش مع المرض بعد استشارة الطبيب الذي يحدد مدى تفاقم الحالة، مع ضرورة الالتزام بالمتابعة الدورية لفحص العين.

هل يمكن الشفاء من نزيف الشبكية؟

نعم في الغالب يمكن ذلك، لكنه قد يعود مرة أخرى في حال عدم معالجة السبب الرئيسي للنزيف.

كم مدة التعافي من نزيف الشبكية؟

يعتمد وقت التعافي من المرض على المُسبب الأساسي له ومدى تفاقم الحالة والالتزام بتعليمات الطبيب، فعادةً ما يتعافى نزيف الشبكية الناتج عن إصابة في غضون أسبوعين إلى شهر، بشرط عدم تكرار الإصابة.

أما في حال النزيف الناتج عن سبب مرضي -مثل السكري وضغط الدم- فغالبًا ما يبدأ التعافي بعد استعادة السيطرة على الحالة، مع العلم أن فترة التعافي قد تستغرق وقتًا أطول في حالات العمليات الجراحية.

في النهاية،

بعد معرفة كل الجوانب الخاصة بمرض نزيف الشبكية نجد أن هناك أنواع من الممكن أن تتحسن من تلقاء نفسها، وأنواع لا بد فيها من التدخل الطبي الفوري، والطبيب هو من يحدد ذلك من خلال فحص شبكية العين، لذا ستكون نصيحتنا دائمًا هي الذهاب إلى طبيب العيون في أسرع وقت عند ظهور أي عرض غريب، للاطمئنان وتلقي العلاج المناسب.